تنحي بارزاني والمساعي لتشكيل حكومة إنقاذ
عبد الحليم الرهيمي
اخيراً .. أعلن السيد مسعود بارزاني عن وضع حد لولايته المنتهية لرئاسة اقليم كردستان منذ سنتين باعلان تنحيه عنها وعدم التمديد لها وذلك في رسالته التي تليت في (برلمان) كردستان مساء يوم الاحد الماضي . وقد جاءت رسالة التنحي هذه بعد اتساع الدعوات داخل الاقليم لاستقالته او تخليه عن ولايته لرئاسة الاقليم المنتهية اصلاً.
وكذلك بعد اتساع حملة الانتقادات الموجهة اليه على الصعيد الكردي والوطني العراقي وذلك بسبب اصراره المتعنت على اجراء الاستفتاء بما نجم عنه من تداعيات سلبية على الاقليم والقضية الكردية وعلى العلاقة مع الدولة الاتحادية ببغداد .
كان الامر اللافت والمثير للانتباه انه ارفق تنحيه عن الرئاسة (قراره) بالابقاء على ديوان الرئاسة ثم توزيع (صلاحيات الرئيس) على الحكومة والبرلمان والقضاء في اربيل وحصر معظم هذه الصلاحيات بالحكومة التي يترأسها ابن أخيه نجيرفان! فضلاً عن افتقار هذا القرار لأي غطاء دستوري او قانوني معمول به في اربيل او بغداد .مع ذلك، ومهما تكن جدية قرار التنحي هذا الذي يصفه البعض بأنه لا يعدو عن كونه مناورة لامتصاص الغضب والانتقادات التي وجهت اليه والافلات من المساءلة وتحميله مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع والتداعيات السلبية للاستفتاء على الاقليم والشعب الكردي . يطرح السؤال الكبير وهو : هل سيؤدي هذا التنحي الى الانفراج في الأزمة بين اربيل وبغداد ام ستبقى تراوح في مكانها؟ لكن الأمر الاهم الآخر هو : هل سيؤدي ذلك الى تراجع الدعوات لتشكيل حكومة انقاذ وطني، او حكومة مؤقتة انتقالية؟، ام يؤدي الى تصاعد واتساع الجهود والمساعي لتحقيقها باعتبارها الطريق الأسلم لتجاوز ازمة الاقليم مع بغداد ، بما يفتح باب الحوار الجاد مع الحكومة الاتحادية التي لم تتوقف دعوتها لهذا الحوار ،تحت سقف الدستور وعلى أساس تجاوز الاستفتاء وتداعياته، وتبني الحكومة الانتقالية العتيدة الموقف المطلوب لبدء الحوار مع الحكومة الاتحادية.
ان كون الحوار الذي تدعو اليه وتعتقد به معظم القيادات الكردية والحكومة الاتحادية، فضلاً عن الدول الحليفة والصديقة للعراق، هو المدخل لحل الأزمة الراهنة مع كردستان وكذلك للقيام بتفاوض وحوار معمقين لتسوية معظم الخلافات بينهما ولترصين وتمتين العلاقة على اسس جديدة بين السلطة الاتحادية والاقليم وهو الأمر الذي يتطلب الامساك بكل السبل والمواقف الايجابية المؤدية له وفي مقدمتها الاستعجال في تشكيل حكومة الانقاذ المؤقتة الانتقالية، لتكون الجهة القيادية الأكثر تعبيراً عن مصالح الشعب الكردي ومصلحة الاقليم ، وبالتالي ، الأكثر تأهيلاً للحوار والتفاوض مع الحكومة الاتحادية ببغداد.
ومع بدء ظهور الآثار والتداعيات السلبية للاستفتاء وتداعياته ، بادرت حركة التغيير (كوران) -التي رفضت الدعوة للاستفتاء ابتداءً - للدعوة لتشكيل حكومة انقاذ وطني مؤقتة او انتقالية بالحوار والتنسيق مع الجماعة الاسلامية الكردستانية ومع (التحالف من اجل العدالة والديمقراطية) الذي يتزعمه رئيس حكومة كردستان الاسبق الدكتور برهم صالح. وقد جرى التعبير عن المهمة الرئيسة لهذه الحكومة – عدا القيام بمهمة الحوار مع الحكومة الاتحادية – هو العمل على (تشكيل تحالف وطني واسع في كردستان ضد السلطة الفاسدة) والتأكيد على ان هناك تحركاً وضغوطاً شعبية (لمحاسبة المسببين للكارثة الناجمة عن الاستفتاء). لاشك ان واحدة من الاشكالات التي سيواجهها تشكيل مثل هذه الحكومة هو تفضيل الحكومة الاتحادية ان تكون حكومة الاقليم ضمن القيادة او الحكومة الاقليمية التي ستحاورها لامتلاكها قدراً من الشرعية والتمثيل المهم في المجتمع، وبما يتحقق ضمان النجاح المنتظر لأي حوار . لذلك فان القيادات الكردية المعتدلة المعارضة لحكومة بارزاني والساعية لتشكيل حكومة الانقاذ الوطني معنية بأن تعمل على ان تحقق هذه الحكومة اوسع تمثيل ممكن بما فيها مشاركة الحكومة البارزانية بالشكل المناسب بحكومة الانقاذ الحوارية العتيدة بما فيه انتظار التحاقها تاليا بالحوار . واذا كانت ثمة صعوبة تحول دون ذلك بوجود السيد مسعود المنتهية ولايته في رئاسة الاقليم فان تنحيه بوضع حد لولايته المنتهية ربما يساعد في تشكيل تلك الحكومة وبدء الحوار والتفاوض البناء مع الحكومة الاتحادية لحل او تسوية كافة المشاكل العالقة بين المركز والاقليم .
التعليقات على الموضوع