"كلمة.. لعراقٍ واحد"
صحيفة إلكترونية مستقلة

هؤلاء هم ضحايا الاستفتاء؟

سامان داود
بعد أن دعا مسعود البارزاني إلى الاستفتاء في شمال العراق (إقليم كوردستان)، قوبل بالرفض من قبل كل دول العالم، إلا إسرائيل التي خالفت القاعدة، وأعلنت دعمها له، قبل ان تتراجع.

لكن الاستفتاء حدث وحدثت فيه تجاوزات كثيرة وأعلنت النتائج، ولكن بقي الامر مرفوضا من الجميع، ومع إصدار قرارات عراقية دستورية بحق الشمال وبقيت إسرائيل على دعمها إلى قبل يومين، ويأتي تصريح نتنياهو ليقول: "ليس لنا دخل في استفتاء إقليم كردستان العراق"، هذا التصريح أصبح يدل أن هناك ضحايا في الأمر، وهناك دعم من أمريكا لذلك وناخذهم على التوالي:
مسعود البارزاني الضحية الاولى الذي تأمل خيرا من دعم إسرائيل، ولكنها تركته وحيدا الآن بعد تنازلها عنه، والتزمت بالخطط الأمريكية للعراق المستقبلي الذي سنتكلم عنه في نهاية المقال والضحية الاخيرة، ولكن مسعود البارزاني اصبح ضحية استفتائه غير الدستوري والذي كان الهدف منه العودة إلى شعبيته الاولى والتي فقدها خلال الأربع سنوات الماضية، وقد نجح بذلك، لكن الأمر لن يدوم طويلا لأن الشعب سينتقده وخاصة أن السليمانية وحلبجة وكرميان لم يكونوا مؤيدين لخطوات البارزاني، وهذا يؤكد أن البارزاني يبحث عن ما يحفظ وجهه، وسط توقع كبير بخسارته انتخابات رئاسة الاقليم العراقي الشمالي مبكرا، في ظل ظهور حركات جديدة على الصعيد الكوردي منها تجمع الجيل الجديد لشاسوار عبد الواحد زعيم حركة "لا" التي كانت تعلن معارضتها للاستفتاء.
السياسيون العراقيون السنة (أصحاب ساحات الاعتصام) هؤلاء هم الضحية الأخرى، وبالتالي ففقدانهم لفرصة العودة لساحة السياسة العراقية بعد أن وقفوا مع البارزاني في مساعيه للانفصال، وتم اعتبارهم خونة للوطن وخسروا معركتهم الطائفية والسياسية ودعم البارزاني الذي سيخسر ما يجعلهم خاسرين أيضا وهذا بات واضحا بعد أن خسروا شعبيتهم في مناطقهم أيضا.
الضحية الأخرى هي نوري المالكي، وقد يفاجأ البعض من هذا الأمر، لكن كل ما فعله لبيان أن العبادي ليس بالرجل المناسب لمنصب رئيس الوزراء باءت بالفشل، وجعلته اضحوكة سياسية في العراق، وفشل حتى هو أيضا في معركته الطائفية واجراءات العبادي بحق شمال العراق غطت على كل "بطولات" المالكي التي حاول تسويقها، وقد لا أبالغ لو قلت أن العبادي سيضمن دورة جديدة، كما أن محاولة المالكي لخلافة فؤاد معصوم الذي يواجه غضبا رسميا وشعبيا بسبب موقفه الضبابي من الاستفتاء، باءت هي بالفشل ايضا، بعد تعامل السياسيين العراقيين بذكاء مع الأمر والإبقاء على معصوم، لكي لا يبين الامر معركة قومية.
الضحية الأخرى هو الحشد الشعبي العراقي، وقد اكون مخطئا في تسميته ضحية، لأن عناصره سينخرطون في صفوف الجيش والشرطة مستقبلا، ولن يتم التضحية بطاقاته، خاصة وأن هناك فرقا بين فصائل الحشد، فمنها ما يتمتع بنزعة وطنية مثل فرقة العباس القتالية التي تمتثل لقرارات رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، وبالتالي لا يمكن أن نقول أن الحشد سيكون ضحية بالمعنى السلبي للكلمة.
الضحية الاخيرة والتي ستكون بوابة لجعل العراق أقوى وأكثر أمنا هي إيران، والتي ستخسر نفوذها رغم محاولة جرها إلى معركة حصار شمال العراق، لتكون في تماس مباشر مع الامريكان، لكن المخطط فشل وقد فكرت طهران في مصلحتها بشكل جيد، وأبدت رغبة الحفاظ على مكتسباتها من الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، ولكن بالمقابل ستضحي بنفوذها في العراق، الأمر الذي سيؤدي الى بناء دولة حقيقة في العراق بدعم أمريكي حقيقي، وقد بدأت هذه الخطوات بزيارة ترامب إلى السعودية، ودليل الأمر أن السعودية وتركيا والامارات الداعمين للبارزاني قد انقلبوا عليه امتثالا لاوامر امريكية مقابل بناء دولة عراقية تتصدى للنفوذ الإيراني في المنطقة.

قد أكون مخطئا في نظرتي للمستقبل، ولكنها المرة الاولى التي أتفاءل فيها خيرا بمستقبل بلدي العراق، بحسب المعطيات التي تحدثت عنها.
*الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي "كلمة"

ليست هناك تعليقات