"كلمة.. لعراقٍ واحد"
صحيفة إلكترونية مستقلة

ذمم حكومية مشكولة

علي شايع
 أخبار مهمة تنشر لكنها تمضي سريعاً في زحمة الانشغالات السياسية الكثيرة، التي تبدو أكثر إلحاحاً في حاضرها، لكن تلك الأنباء ضمن السياق الأعمق لمشروع بناء الدولة هي الأهم بكلّ تأكيد، لحظة تبين الأخطاء المتراكمة، والخلل الأساس في إدارة الدولة.

إن المهتم بما يجب أن تكون عليه الدولة/ الأمل، سينقب عن هذه الأخبار ويسعى خلفها، لا للتنكيل بالحكومة وحساب الأخطاء ولكن لأجل التأسيس الأفضل.
مرة توقفت عند كلمة لجبران خليل جبران، وهي في منحاها الإنساني تصلح لما نحن بصدده من بحث عن المضمرات السياسية، فالكاتب يشير إلى ما معناه: إن كنت لا تبصر إلا ما يظهره لك النور، ولا تسمع غير معلن الأصوات..فحقيقتك هنا بأنك لا ترى ولا تسمع. فهو يدعو العاقل ليبصر أعمق مما تمنحنا إياه الوقائع، فالمسؤولية التي نتحملها مسؤولية وطن وأجيال تنتظر منا أن نختار لهم ساسة يديرون البلاد على أفضل صورة، فيكونوا النموذج المقتدى به، ولكن للأسف حتى هذه اللحظة يخيب رجاء الناخب بما يرى ويسمع، وبالطبع ما لا يراه ويسمعه أشدّ وأقسى.
قبل أيام أكد عضو في لجنة النزاهة النيابية، أن 70‎بالمئة من أعضاء البرلمان لم يكشفوا عن ذممهم المالية لهذه السنة لغاية الآن، متجاوزين الموعد المقرّر، غير أنه أكد التزام اغلب الوزراء بتقديم كشوفاتهم المطلوبة.
دلالات الخبر كثيرة، وأهمها كون الحكومة الحالية، بطاقمها الوزاري، هي الأفضل إدارياً، في ما تمنحه الصورة الحاضرة من هذا الخبر على الأقل؛ كإشارة لفأل مستقبلي حسن.
أما الصورة البرلمانية فتبدو قاتمة ولا بشرى لخير فيها، والقضية ليست جديدة، وكنت قد كتبت سنة 2013 قبل عام من الانتخابات التشريعية الثالثة، التي أنتظرها الملايين لتكون ميزاناً لتقييم المرشحين، والساعين إلى مناصب الدولة، ومنافذ الحكم والسلطات، متمنين منع أي شخص مخلّ بالتزاماته القانونية أو متجاوز على بنود التشريع من الترشيح لأي منصب
جديد.أن هذه القضية ليست قانونية فقط، لكنها أخلاقية أيضاً بموازاة المطالب الشعبية المتداولة برجاء كشف الذمم، لتكون شرطاً للترشيح الجديد، ومانعاً لأي نائب سابق ليست بحيازته وثيقة براءة الذمة من دخول المنافسة مجدّداً. وها هي الأيام تمضي وستتكرّر الأخطاء السابقة، لتسقط إجراءات كثيرة بالتقادم، ويطوي الروتين تفاصيل ومشاريع وقوانين لا سبيل للبت فيها.
من يتابع منشور التقارير السنوية لهيئة النزاهة بموقعها الإلكتروني، يجد أن نسبة النواب الذين كشفوا عن ذممهم المالية بقيت على حالها ولم تتجاوز نسبة 35بالمئة منذ 2012 ولغاية الآن، بحسب المعلن والمتيسّر، والغريب إن الهيئة لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بهذا الشأن، أو تكشف الأسماء للرأي العام، كما وعد قبل سنوات مسؤول فيها؛ وعداً عرقوبياً، أبقى ذمته مشكولة هو الآخر.
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي "كلمة"

ليست هناك تعليقات